Friday, December 14, 2007

اه يا ليل يا زمن




أكثر من عشرين عاما، لم أكن هنا، فلفحتني الذكريات وانا أصعد الدرج، مازال كما هو دون درابزين، صار أكثر ضيقا، أو ربما أنا صرت أكبر حجما، صوتها مازال يدعوني لالعب مع قطها الشيرازي سمسم، كسول، ضخم، بني وابيض، الواني المفضلة ، نلعب ، نجري علي السلم، أضايقه بخطف الاكل من أمامه، لا أهتم بتوعدات أمي لانهاء واجبات الحضانة، متخذة من "طنط زينب" وقطها حصنا

أقف أمام باب شقة الدور الاول، وقبل أن تمتد يدي للجرس، أتذكر أن "طنط زينب" انتقلت للدور الثالث ، حين حاولت عبور ذلك اللوح الخشبي بين بلكونة شقتنا، وبلكونتها المقابلة ، أثناء بناء شقة الدور الثالث، أنتابني الخوف فتراجعت ، حتي عبرته ذات يوم، فصرخت "طنط زينب" عندما رأتني فجأة خلفها في المطبخ، وباب الشقة مغلق، حرمتني يومين من اللعب مع قطها، في مقابل الا تخبر أمي بفعلتي الحمقاء.

كل ما أتذكره تجاعيد وجهها، علامة خضراء "دقة" علي ذقنها، وعلي نهايات كف يدها الأيمن، شعرها القصير الابيض، كثيرا ما تغطيه بالحناء، ملابسها السوداء المخصصة لواجب العزاء، شالها القطيفة، وصيتها لي أن أعتني بقطها، حين عدت في اول يوم دراسي في الصف الاول الابتدائي، لاجدها في السيارة مع زوجها، ملفوفة ببطانية، وارتفاع حرارتها بصورة مفاجأة، وجدتي معها في المقعد الخلفي تبكيها، فقد كانا صديقتان لا تفترقان، أمسك بيدها وأسألها الي أين؟ ترد ان لديها موعدا مهما، لا تستطيع التاخر عنه، ارجوها ان تعود سريعا لنلعب مع القط ، تحاول الابتسام، أقبل يدها، وتعدل من ياقة زي المدرسي .

أصعد للدور الثالث ببطء، مازلت أسمع بكاء أبلة عائشة، وصمت أبلة سيدة في البلكونة. تفتح لي أبلة سيدة الباب، تحتضني بشدة، يتشمم كل منا رائحة زمن مضي......

أبلة سيدة، في العشرينات، سمراء، ذات شعر ليلي قاتم طويل، ملفوفة القوام، رشيقة، تترصدها العيون حين تخطو، محظوظ من تنعم عليه بابتسامة، استحقت غيرة وحقد الاخريات بلا منازع، طلب يدها الكثيرون، مصيرهم كان الرفض ، حددت هدفها، لا زواج دون حب أولا، عكس عائشة التي قبلت بأول عريس، تقدم لها، وافقت علي كل شروطه، لا عمل، لا خروج دون حجاب، تطورت الي لا زيارة للأهل، مرة واحدة في العام تكفي ، حتي تلاشت زياراتها.

أدخل الي صالة الشقة، أختفي الكرسي الفوتيه القديم، ذو اللون البني، بجوار راديو خشبي ضخم، و "طنط زينب" تحمل سمسم تداعبه، وتغني مع اسمهان "يا اللي هواك شاغل بالي"، ..حل محله صالون، لا أتذكر ملامحه الان، لم أعطي نفسي فرصة للتجوال داخل الشقة أكتفيت بالشرح لابلة سيدة، عن سبب زيارتي، التقاط صورة لبلكونة شقتنا من زواية بلكونتها، اندهشت، لم أرد الاستفاضة، فكل دقيقة تمر في رأسي جبال من الذكريات.

أدخل البلكونة، حاملة الكاميرا ، أتذكر ، لم تعد "طنط زينب" من المستشفي في ذلك اليوم، بكيتها، رغم أني ابدا لا أبكي الاموات ،تزوج رفيقها بعد ذكري الاربعين، لم أرحب قط بعروسه، التي قاربتها في السن، لم اهتم بمحاولاتها التحدث عبر البلكونة، صرعت في وجهها الباب ذات مرة، عاتبني زوجها صرعته ثانية في وجهه.

أندهشت ذات صباح، حين وجدت البلكونة المقابلة لنا مفتوحة، فهي مغلقة منذ سنوات، فقد توفي الاب، وتزوجت البنات ، هاجر محمد الابن الاصغر الي دول النفط، وتوفي بها ، دون أن يري طفله الاخير.

الاحظ الهم والحزن علي وجه أبلة سيدة، أسألها بخجل ماذا بها؟ تزوجت أبلة سيدة بمن أحبت، أتذكر سنيما دوللي، التمشية علي الكورنيش، والذرة المشوي، شارع شريف والمحلات، فقد كنت معها .

طلقها الان ، من أجل من هي أصغرو أجمل، فقد تخطت الاربعين، واربعة أبناء، أصغرهم توأم ، تعذر دخولهم المدرسة هذا العام، ولولا شقة العائلة لما وجدت مكان يأويهم جميعا. قصت لي عن شهامة مالك المنزل وعرفانا منه للعشرة ترك لها الشقة دون مقابل شهري، وتصدي لارملة أخيها،التي حاولت الاستيلاء علي الشقة رغم عدم احتياجها لها ، و مازالت أبلة سيدة تبحث عن عمل.

يشدني من يدي أحد التوأم، محاولا أن يريني ما خطه في كراس، متسألا ممكن تصوريني؟
:(

13 comments:

بنت القمر said...

انا جيت الاول قبا غاده
وش بيطلع لساااانه
يا لهوي يا ناااا
واحده ماتت زينب وجوزها اجوز عليها قبل الاربعين والتانيه طلقها باربع عيال وصاحب البيت بيعطف عليها
والتالته جوزها حبسها ومنعها من الشغل وحجبها
يا لوي دا العذاب امرأه طب والنبي قولي لصاحبتك الا مش مصدقااني
العذاب امرأه وللمرأه
طب مفيش واحد من جيرانكم الرجاله اتشل ولا مراته خانته ولا جتله جلطه
طب مفيش واحد هفته عربيه ولا
فلس حتي
اوف ها انام كدا بغلي لا مضايقه بجد اتصرفي
لازم تفرحيني في راجل بليز
بليز بوست تاني بقا العداله الالهيه في الرجاله دول بليز
بليز
تحياتي

^ H@fSS@^ said...

مش عارفة ليه عيطت لما قريت التدوينة دي
عشان ذكريات بقالها عشرين سنة و لا عشان ناس فراقونا و احنا مش عارفين ان د ياخر مرة حنشوفهم فيها
تسلم اديكي يا عزيزتي
بس صحيح على راي بنت القمر هي المصايب ليه بتحصل بس للستات؟
يعني هو مش ناقصنا القرف اللي احنا فيه

تحياتي

اسكندراني اوي said...

بوست قاسي اوي

هي الدنيا كده ما بتخليش حاجه على حالها
ولا حد في حاله

tota said...

رندودة
كل سنة وانتى طيبة
ذكريات الزمن الجميل لا تمحى ابدا مهما مرت عليها السنون قد تبهت خطوطها احيانا الا انها تبقى شاهدة على علاقات انسانية خالية من الاهداف سببها الحب
انتى كنتى عايزة تصورى البلكونة ليه ؟ بتعملى ايه اعترفى
تحياتى

Searcher said...

ساعدنى وصفك الدقيق للأماكن و الأحداث على معايشة الحدث كما لو كان ذكريات خاصه بى شخصياً
إسلوب رائع و معبر
تحياتى

ذو النون المصري said...

الهنا ما اعدلك
مليك كل من ملك
............
لبيك قد لبيت لك
لبيك ان الحمد لك
............
و الملك لا شريك لك
ما خاب عبد سالك
...................
انت له حيث سلك
لولاك يارب هلك
..................
لبيك ان الحمد لك
و الملك لا شريك لك
.....................
كل نبي و ملك
و كل من اهل لك
...................
و كل عبد سالك
سبح او لبي فلك
................
لبيك ان الحمد لك
و الملك لا شريك لك
...................
و الليل لما ان حلك
و السابحات في الفلك
.................
علي مجاري المنسلك
لبيك ان الحمد لك
.........................
و الملك لا شريك لك
يا خاطئا ما اغفلك
....................
اعمل و بادر اجلك
و اختم بخير عملك
...............
لبيك ان الحمد لك
و الملك لا شريك لك
....................
هذه القصيده لشاعر الخمريات الشهير ابو نواس، احببت ان اهديها لكم بمناسبة وقفة عرفات و عيد لاضحي المبارك، كل عام انتم بخير ،تقبل الله منا و منكم طيب القول و صالح العمل
.........................

ذو النون المصري said...

هعلق علي الموضوع بعدين
لما ابعت العيديه الاول و بعدين ارجع
تحياتي

zenzana said...

بنت القمر
اهلا يا فندم بس خلي بالك من دراعك احسن تهبره

اسفة اني خيبت املك ومفرحتكيش ف رجال
هو احتمال بس انتي مأخدتيش بالك من قصدي من البوست
كنت بحكي حدوتة شخصية جداعن ناس اعرفهم حكايات عن جيران واهل مش موجودين دلوقتي عن تطور شخصياتهم وبس
لكن ولا قصدي راجل ولا ست ولا حاجة من دي خالص

zenzana said...

حفصة
الله يسلمك يا حبيبتي
اصل انا اللي فارقوني كتير جدا وورا كل واحد حكاية تنفع حدوتة او تتحكي


المصايب بتحصل للستات اكتر لانهم الاقوي مش الرجالة لانهم ببساطة ممكن يهربوا من المسؤلية لكن الستات هبل بيدبسوا فيها

zenzana said...

اسكندراني اوي خالص

اه هي الدنيا كدا فعلا ولا بتخلي الواقف واقف ولا الماشي ماشي

بس يا حلو كمان الحياة اختيار
وقدرك ف ايدك
:)

zenzana said...

tota
وانتي طيبة يا اميرة هربانة من كتاب الحواديت

ما انا اعترفت واللي كان كان واتسيح لي كمان ع الفيس كوخ دا :)

zenzana said...

Searcher

شالله يخليك يا فندم
مرسي جدا

zenzana said...

ذونذون يا روحي

انا ماخدتش العيدية
ماشي مخصماك

اه مبروك الخطوبة عقبال الشنكلة
اللهم ما احفظني
:)