Tuesday, January 29, 2008

عن العضو العامل


صدرت رواية عضو عامل
للكاتب ماهر عبد الرحمن
التي تحكي عن قصة حياة محترف ثوري
مجنون عمر اهله ما كانوا يحلموا انه يدخل الجامعة

هتعجبكم

Wednesday, January 2, 2008

اتنين ..ابدا مش واحد



يصلها منه اول ايميل بعد ستة أشهر، يعتذر ويتأسف ويعتذر، ويخبرها علي استحياء ان توقعاتها صحيحة بشأن
فتاته، ترد بمرح مستفز، فيه شبهة الاحساس بالانتصار، يرد علي ردها بتحذير من السخرية والمرح الزائد ، يسألها عن الحياة هناك؟ مع من تعيش؟ أين تعمل؟ تجاوب دون تصنع، فقد تعلمت هناك أن تكون علي طبيعتها، وليذهب العالم نحو الجحيم، يعلن عصيانه علي أقامتها في بلد الخواجات، داخل شقة يسكنها كثيرا من الذكور، لا تهتم بالرد أو بمراسلته، يمر عام، ونصف عام.يسقط منها في الزحام ، يمر عاما اخر، وبضع شهور، يخبرها صديق انه قابله صدفة، لا تندهش، ولا تستنكر، لا شئ البتة.

تمر أياما قليلة، تتجه نحو الميدان الواسع ، فقد اتفقت مع صديق علي اللقاء، أمام جروبي، ينقسم وقتها بين النظر في الساعة ، والفرجة علي الناس، حتي تاهت في الميدان ، وفجأة يجذبها من ذراعها .
يتبادلون الاسئلة، والاخبار ثم أرقام التليفونات، وان يتقابلا في اليوم التالي.
يؤجل ثم يؤجل ،ثم يؤكد علي الموعد.
لماذا يخشي مقابلتها ثانية؟
يجلس متوترا علي كرسيه، ضلت كلمات النادل طريقها الي اذنيه، يخفي توتره، باشعال سيجاره، تتقاطع نظراته بين الساعة، والموبيل، رغم أنه ما يزال هناك وقت علي موعدهما، وهي بالتأكيد لن تضل طريقها، فهي من اختارت المكان، كثيرا ما تحسم هي الاختيارات.

أخيرا يراها تبحث بعينيها عنه ضمن رواد المقهي ، يقف، يلوح بيديه حتي تراه، يجلسان.. يمدح تسريحة شعرها، تواجهه انها لم تغيرها منذ سنوات، يذكرها انه كان اطول بالماضي، يحاول تجاهل علبة سجائرها، ويسأل عن أخبار صديقهما العربي، عملها القديم، والجديد، وما بينهما، تنطلق في الحكي دون توقف، تتذكر أيامهما الاولي، وتتجاهل نهايتها، يذكرها بلعب الكرة ، تذكره ب "البدلة" و"الكرافت"، وتلمح لغروره، يحكي لها عن حواء في حياته الماضية، يندهش من حياتها دون أدم .. مع كل جملة يؤكد لها انها تغيرت، تحملق في انتظار اجابة، شكلا أم موضوعا؟ للأفضل أم للأسواء؟ تصر انها كما كانت، ربما صارت أكثر عملية ، لكنها لم تتغير تماما.. يعاود سيرته الاولي بالشرح، علي اعتبار انها لا تفهم، يتمادي في نديته، يكيل لها ضربات ما تحت الحزام، تقيم هي حائط الصد القديم، لتدافع عن رأيها ، يتحول اللقاء لساحة حرب، يستسلم تحت وطأة ضرباتها المتوالية، يجفف عرقه الوهمي، يغير مجري الحديث.

يحكي لها عن لقائهما السابق ، أنه لم يكن مصادفة، فقد تقابل مع صديق ، وعرف منه أنها في الميدان، فأخذ الطريق جريا ، ليفاجئها ، علي أن يأتي الصديق بسيارته لاحقا، تبتسم ملء شفتيها، يسألها هل تذكرته يوما؟ تراوغ بأنها لا تنسي الاصدقاء، يحملق مكذبا، تضحك ..فيراها لحظة مناسبة لسؤالها لماذا أكتفيا في السابق بصداقتهما؟ ، أو هكذا أدعيا، ترد أن هذا لم يشغلها ، تدعي انها دائما تنظر الي الامام، وليس الي الماضي...

يصيبه الارتباك حين تنشغل عنه بالحديث مع صديق لها مر مصادفة، يشرد مع توالي الاشخاص حولها، يدقق النظر في الدائرة المحيطة بها، تبتسم له بين الحين والاخر، تنعم عليه بالتفاتة أثناء تنقل نظرها بين صديق واخر..يشعل سيجاره...تضيع كلماته بفعل الزحام، يشير لها بأنه سيتصل بها فيما بعد، تهز رأسها ، تواصل الامساك بزمام الدائر.. يغادر.. يبتعد عن المقهي
.. يلتفت نحو الحلقة.. تلمحه..يبتسم ...تلوح له .
:)

Sunday, December 23, 2007

اللقاء الثاني



مارست هوايتها المفضلة ، الفرجة علي خلق الله، بطول وعرض الميدان، جذبها من ذراعها فجأة ، تسمرت في مكانها لثواني، ثم احتضن كل منهما الاخر، مع انطلاق ضحكاتهما بشكل لافت لكل رواد الميدان، لم يعرف كلا منهما كم من الوقت قد مر، كعهده دائما لامع العينين، مرح، وائق من نفسه لاقصي درجة، كل ما يقوله يجب ان يكون الصواب، مصر دائما علي استفزازها و "جر شكلها"، يستمتع بتسلط لسانها عليه، وندية علاقتهما ، كثيرا ما سألها عن رأيها في كل ما يراه مهما ، وحين يختلفا، لا يعترف انها علي حق، ولا يأخذ بنصيحتها الا بشكل مستتر، يتلذذ بدور الضحية، واشعارها بالذنب تجاهه.

ثلاثة لا يفترقوا أبدا، علي مدي سنوات، هي وهو، وصديق عربي، متفرغ للماجستير، ينهي كلا منهم اعماله ويتقابلوا في نهاية اليوم، معهد البحوث العربية، مكتبة المجلس الاعلي للصحافة ، دار الاوبرا، عرض كسارة البندق، جروبي، أبو طارق، فلوكة في النيل، المطعم تحت كوبري قصر النيل، حلواني العبد، محل أديداس في شارع طلعت حرب، حلمية الزيتون ، والمترو، لعب الكرة أمام مجمع التحرير قبل هدم حديقته المستديرة ، يبدأ في اللعب هي والصديق العربي، وهو يتهمهما بالجنون، وقلة العقل، بل يسبهما ، يضحكون، وفجأة يخلع "جاكت البدلة" و"الكرافت"، وينضم اليهما، ولا يلتفت الي رجائهما له بالتوقف بعض الوقت للراحة، متهما اياهم بالضعف، يغار حين يتقابلون دونه، أو أن يصمتا حين يأتي لمقابلتهما، مؤكدا انه يوما ما سيكون منبع أسرارها .

يغادر الصديق العربي البلاد، بعد حصوله علي الماجستير، ينشغل كلاهما بعمله، يرتبك تواصلهما، مع الحرص علي عدم تخلفهما عن اللقاء الاسبوعي لشلة ضخمة من الاصدقاء، يتفقاعلي اللقاء كما كانا سابقا، رحبا بتغير مجري العلاقة، ولما لا؟

متذمرا، مستهجنا طوال الوقت ما اسماه ب"الانفتاح الاجتماعي" لها ، مع دوران الكثيرات في فلكه، و تذبذب علاقاته ، والتساؤل معظم الوقت أصدقاء؟ أم أحباء؟ يتفقا علي الاكتفاء بالصداقة، أدعيا أنها الابقي، مع علمهما أنها تأكلت.

يظل ثمة شد وجذب، وأحيانا توتر، حتي ارتبط كلا منهما بأخرين، وكالعادة سأل عن رأيها فيها؟ ، وأصر علي الصراحة، بالتأكيد لم يعجبه رأيها ، فرد لها الصاع صاعين، معتبرا أن اختيارها شخصا اخر مفسدة، بما انه مختلف في الثقافة والجنسية ،وهي أمعانا في اغاظته أخبرته بأنها سترحل بعد أيام قليلة ، وسيكون لديها كثيرا ممن هم مختلفون عنها في الثقافة والجنسية، وليمت هو كمدا، يستهجن الفكرة، يغلق الهاتف في وجهها بعنف ، ترحل دون وداعه.


وللحديث بقية

Friday, December 14, 2007

اه يا ليل يا زمن




أكثر من عشرين عاما، لم أكن هنا، فلفحتني الذكريات وانا أصعد الدرج، مازال كما هو دون درابزين، صار أكثر ضيقا، أو ربما أنا صرت أكبر حجما، صوتها مازال يدعوني لالعب مع قطها الشيرازي سمسم، كسول، ضخم، بني وابيض، الواني المفضلة ، نلعب ، نجري علي السلم، أضايقه بخطف الاكل من أمامه، لا أهتم بتوعدات أمي لانهاء واجبات الحضانة، متخذة من "طنط زينب" وقطها حصنا

أقف أمام باب شقة الدور الاول، وقبل أن تمتد يدي للجرس، أتذكر أن "طنط زينب" انتقلت للدور الثالث ، حين حاولت عبور ذلك اللوح الخشبي بين بلكونة شقتنا، وبلكونتها المقابلة ، أثناء بناء شقة الدور الثالث، أنتابني الخوف فتراجعت ، حتي عبرته ذات يوم، فصرخت "طنط زينب" عندما رأتني فجأة خلفها في المطبخ، وباب الشقة مغلق، حرمتني يومين من اللعب مع قطها، في مقابل الا تخبر أمي بفعلتي الحمقاء.

كل ما أتذكره تجاعيد وجهها، علامة خضراء "دقة" علي ذقنها، وعلي نهايات كف يدها الأيمن، شعرها القصير الابيض، كثيرا ما تغطيه بالحناء، ملابسها السوداء المخصصة لواجب العزاء، شالها القطيفة، وصيتها لي أن أعتني بقطها، حين عدت في اول يوم دراسي في الصف الاول الابتدائي، لاجدها في السيارة مع زوجها، ملفوفة ببطانية، وارتفاع حرارتها بصورة مفاجأة، وجدتي معها في المقعد الخلفي تبكيها، فقد كانا صديقتان لا تفترقان، أمسك بيدها وأسألها الي أين؟ ترد ان لديها موعدا مهما، لا تستطيع التاخر عنه، ارجوها ان تعود سريعا لنلعب مع القط ، تحاول الابتسام، أقبل يدها، وتعدل من ياقة زي المدرسي .

أصعد للدور الثالث ببطء، مازلت أسمع بكاء أبلة عائشة، وصمت أبلة سيدة في البلكونة. تفتح لي أبلة سيدة الباب، تحتضني بشدة، يتشمم كل منا رائحة زمن مضي......

أبلة سيدة، في العشرينات، سمراء، ذات شعر ليلي قاتم طويل، ملفوفة القوام، رشيقة، تترصدها العيون حين تخطو، محظوظ من تنعم عليه بابتسامة، استحقت غيرة وحقد الاخريات بلا منازع، طلب يدها الكثيرون، مصيرهم كان الرفض ، حددت هدفها، لا زواج دون حب أولا، عكس عائشة التي قبلت بأول عريس، تقدم لها، وافقت علي كل شروطه، لا عمل، لا خروج دون حجاب، تطورت الي لا زيارة للأهل، مرة واحدة في العام تكفي ، حتي تلاشت زياراتها.

أدخل الي صالة الشقة، أختفي الكرسي الفوتيه القديم، ذو اللون البني، بجوار راديو خشبي ضخم، و "طنط زينب" تحمل سمسم تداعبه، وتغني مع اسمهان "يا اللي هواك شاغل بالي"، ..حل محله صالون، لا أتذكر ملامحه الان، لم أعطي نفسي فرصة للتجوال داخل الشقة أكتفيت بالشرح لابلة سيدة، عن سبب زيارتي، التقاط صورة لبلكونة شقتنا من زواية بلكونتها، اندهشت، لم أرد الاستفاضة، فكل دقيقة تمر في رأسي جبال من الذكريات.

أدخل البلكونة، حاملة الكاميرا ، أتذكر ، لم تعد "طنط زينب" من المستشفي في ذلك اليوم، بكيتها، رغم أني ابدا لا أبكي الاموات ،تزوج رفيقها بعد ذكري الاربعين، لم أرحب قط بعروسه، التي قاربتها في السن، لم اهتم بمحاولاتها التحدث عبر البلكونة، صرعت في وجهها الباب ذات مرة، عاتبني زوجها صرعته ثانية في وجهه.

أندهشت ذات صباح، حين وجدت البلكونة المقابلة لنا مفتوحة، فهي مغلقة منذ سنوات، فقد توفي الاب، وتزوجت البنات ، هاجر محمد الابن الاصغر الي دول النفط، وتوفي بها ، دون أن يري طفله الاخير.

الاحظ الهم والحزن علي وجه أبلة سيدة، أسألها بخجل ماذا بها؟ تزوجت أبلة سيدة بمن أحبت، أتذكر سنيما دوللي، التمشية علي الكورنيش، والذرة المشوي، شارع شريف والمحلات، فقد كنت معها .

طلقها الان ، من أجل من هي أصغرو أجمل، فقد تخطت الاربعين، واربعة أبناء، أصغرهم توأم ، تعذر دخولهم المدرسة هذا العام، ولولا شقة العائلة لما وجدت مكان يأويهم جميعا. قصت لي عن شهامة مالك المنزل وعرفانا منه للعشرة ترك لها الشقة دون مقابل شهري، وتصدي لارملة أخيها،التي حاولت الاستيلاء علي الشقة رغم عدم احتياجها لها ، و مازالت أبلة سيدة تبحث عن عمل.

يشدني من يدي أحد التوأم، محاولا أن يريني ما خطه في كراس، متسألا ممكن تصوريني؟
:(

Saturday, December 1, 2007

فوضي زمن الحواتم


" ليس هناك أخطر من النص "الانطباعي" لوصف فيلم يراه كاتب النص في ذهنه. كثيرا ما يكون هذا النص مغلقا وجاهزا" ، انعدمت فرصة شخصياته في التطور، وهو ما انطبق الي حد ما في نص فيلم "هي فوضي"، فجاء الفيلم كثوب جميل ملئ بالثقوب.

من الجائز أن تصنع فيلما من خبر بسيط في صحيفة، حادث تصادم، أو انتحار سجين داخل زنزانته . لماذا؟ هنا تكون الاجابة في صورة حركة مدهشة، تفاعل، فيلم...فالحدث ضمن الخبر، وعلي المخرج اكتشاف معني الخبر، ومنه يبني موضوع فيلمه، نجح المخرج في اكتشاف معني لاخبار التعذيب والاعتقال، واستبداد السلطة، التي تمارسها الشرطة ضد المواطن، لكنه لم ينجح في بناء موضوع قوي قادر علي مناقشة اشكاليات العلاقة، فاكتفي في بداية الفيلم بصراعين متوازيين، أحدهما غير منطقي، تمثل في علاقة وكيل النيابة الشاب "شريف" بأبنة أحد رجال الاعمال "سلفيا"، وعدم ترحيب أم الشاب "هالة صدقي / وداد" بتلك العلاقة، يوازيه صراع اخر بين "حاتم" أمين الشرطة و "نور" جارته التي ترفض محاولاته للتقرب اليها، يستمر هذا الوضع قائم بلا تطور حتي منتصف الفترة الزمنية للفيلم، مسهبا في عرض مشاهد تحرش وتلصص "حاتم" علي جارته، واظهار استبداده وطمعه، و فساده وانحرافه، داخل وخارج القسم، وكذلك التمادي في اظهار انحراف "سلفيا" مع تنميط تقليدي لطبقة اجتماعية معينة، وينتهي هذا الصراع بانتهاء العلاقة ، وتبدأ مرحلة تانية من فيلم كان يمكن قطع مشاهد مرحلته الاولي كلها ف المونتاج والاكتفاء بالمرحلة التانية، التي ابتعدت عن المط والتطويل، والاسهاب، وكان كاتب السيناريو قرر العودة فجأة لمبادئ كتابة السيناريو، وسأل نفسه عند كتابة كل شوت أو مشهد، مجموعة من الاسئلة
من عينة، ماذا يفيد؟ أو هل غياب هذا المشهد سيؤثر في الفيلم؟

- لفت نظري من بداية الفيلم اضاءة مشاهد "حاتم" خالد صالح الداخلية ، فقد اتسمت بالظلامية والغموض أحيانا، نظرا لبناء الشخصية القائم علي الاحساس بالضعف ، والوحدة، والعنف، وقهر الاخرين، علي العكس منها المشاهد الخارجية التي كان معظمها في الشارع، وسط الناس، وهو ما يعطيه احساس بالقوة ، والسيادة.

- اتسمت معظم شخصيات الفيلم بالثبات، وعدم التطور، ف "نور" من بداية الفيلم و حتي نهايته تقاوم وتحارب شخصية "حاتم"، ولم تتطور اشكال مقاومتها، وكذلك شخصية وكيل النيابة فمن بداية الفيلم وهو يعمل علي تنفيذ القانون، وعدم الخضوع لنفوذ السلطة التنفيذية "الشرطة"، وهو ما لم يتغير حتي النهاية، و كذلك أمه "وداد"، علي العكس تطورت شخصية "أم نور" بشكل خاطف لم يستغله السيناريو، فقد حاولت تطوير مقاومتها ل "حاتم" فاتجهت الي أحد المرشحين لانتخابات البرلمان، ثم حاولت ضربه بعد اغتصابه لابنتها، يليها تطور جماهير الشارع الذي يأتي في مشهد النهاية
.



-نجح احمد فؤاد سليم في تمثيل شخصية المأمور "الطرطور" الذي لا يعرف ما يدور حوله ، و يهفو الي الترقية، مصغيا لكل ما يلقي به "حاتم" من نصائح واخبار، علي العكس منه، فلتت خيوط شخصية ضابط الشرطة "عمرو عبد الجليل" فقد اتسمت شخصيته بالضعف حتي عند محاولته تمثيل دور المستبد، حتي أصابني الذهول، من خوفه وأصابته بالذعر، من سماع طلقات رصاص وكيل النيابة، ضابط شرطة يخشي طلقات الرصاص !! في مشهد تفتيشه عن الزنزانة السرية، وظهوره في دور الخاضع لنفوذ السلطة القضائية، ممثلة في وكيل النيابة، وهو ما أدي الي طرح احد المتفرجين في المقعد الخلفي سؤاله العبقري "هو مين اللي أعلي من مين؟". دليل علي انعدام التكامل بين السلطتين.

- كان من مفاجاءات الفيلم دور "ماهر عصام" رغم مساحته القصيرة، فقد حاول بشكل خاطف الخروج من تيمة شخصية المدمن أو "الصايع" ، الذي سبق ان وضع في قالبها بأعمال سابقة ، الي شخصية "اللص المثقف" ، التي ظهرت في مشهد سرقة اللوحة الفنية من قسم الشرطة.
ظهر الجهد المبذول في شخصية "وكيل النيابة" رغم شهرة الممثل يوسف الشريف، ببرود الاعصاب، والهدؤ القاتل.

- ربما من ثقوب السيناريو بعض الحبكات غير المتقنة بدرجة عالية، مثل حبكة اختطاف "حاتم" "نور" ثم اغتصابها لاحقا، الزمان في المشهد ، نهارا، يوم شم النسيم، وعلي النيل، بل تطوع السيناريو لتعرية الحبكة أكثر وأكثر، في وجود كثير من المشاهدين لمشهد الاختطاف بوضع منديل به مادة مخدرة علي انف الضحية ، وحوار المختطف مع احدي الشخصيات "كومبارس متكلم" و تأكيد "حاتم" علي انها زوجته.

- خضع كاتب السيناريو لقاعدة "تعاطف الجمهور وابتزاز عواطفه، لصالح البطل"، فكان تبريره لتجبر واستبداد "حاتم" بأنه تربي يتيما وتلطم في بيوت الاقارب، وغيره ، وكأن كل أمين شرطة أو ضابط مستبد هو في الاصل مريض نفسي، عاش طفوله معذبة، (كان فاضل بس يتقال انه كان بيحب يخنق القطط)
ومر بالحرمان!!

- اتسم بناء بعض الشخصيات بالنقص أو التنميط من عينة حوار هالة فاخر"أم نور" مع "نور" عندما تسألها هل تحب ؟ وعند الاجابة بنعم، تفرح الام بشدة، ثم تحتضنها، وهو ما يتناقض في الغالب مع بناء الخلفية الاجتماعية لشخصيتين من الفئات الوسطي ."casting "

يظهر الخطأ نفسه بشكل فادح، في اختيار وكيل النيابة لفتاة أحلامه "سلفيا" في بداية الفيلم ، فتاة ، ثرية، ابنة لرجل اعمال موضع شك، بشكل نمطي جدا، بداية من مشهد تقديمها في الفيلم، نزولها من السيارة ، وتركيز الكاميرا علي سيقانها، والميني جيب، وطريقة سيرها من الخلف، وغيره، تلاه بنفس المنطق في كل مشاهدها بلا استثناء، تنميط لشخصية فتيات طبقة اجتماعية معينة ووصمها بالانحلال، وهو ما ينطبق ايضا علي والدها، كل هذا مجتمعا يتناقض مع شخصية وكيل النيابة الذي ينتمي الي الطبقة المتوسطة، التي تعتبر أكثر محافظة من طبقة اجتماعية أعلي ، ربما وجد السيناريو ضرورة التعويض عن ذلك في شخصية رفض "وداد" للعلاقة كلها، متذرعة بأن الفتاة مدمنة سابقة، وهو ما يتناقض أيضا مع الشخصية المنفتحة التي تم تقديم الام بها في بداية الفيلم!!

- الحوار في أي فيلم شر لابد منه، يمكن الاستغناء عنه بالتعبير من خلال الصورة، الا انه في "هي فوضي" كان شرا مقصودا، فقد أغفل أن الافعال تفصح عن حقيقتها أكثر من الكلمات، واسهب في كثير من الجمل الاسمية التي كان من السهل تجنبها والاكتفاء بالصورة، من اسخف جمل الحوار في الفيلم، في مشهد النهاية، عندما يسقط "حاتم " منتحرا، يسأله المأمور بكل سذاجه " أنت بتعيط ليه دلوقتي؟ مش أنت اللي عملت كدا في نفسك؟ " ....(رحمتك يا رب )

- تركت بعض المشاهد علامات استفهام دون اجابة، منها امتلاك "حاتم" لما يشبه ورشة صغيرة لصناعة المفاتيح داخل شقته، وكأن بيت أمين الشرطة سوبر ماركت يشتمل علي كل شئ من الابرة للصاروخ . مشهد اخر يبدأ بدخول "حاتم" الي أحد الاسطح، فيجد شابا يقوم بمعاكسة جارته، نفهم بعد ذلك أنه العسكري الذي تحت قيادته، نفس السطح في المشهدين التاليين، نجد عائلة العسكري "بشندي" أمه وجدته يسكنون بنفس السطح، في نهاية الفيلم وأثناء مطاردة العساكر لحاتم" للقبض عليه، نكتشف أن السطح نفسه هو سطح قسم شرطة "شبرا" !!!!!!

- من المشاهد الاخري، هذا الكم من الاجساد الضخمة والعارية، الراقصة والسعيدة طوال الوقت، لمجموعة كبيرة من السيدات داخل غرفة حجز، لا تدل علي انها غرفة حجز نهائيا، اللهم خلوها من الاثاث، ووجودها داخل بدروم قسم الشرطة!!

- اما النهاية ، ربما كان ختامها مسك، ممثلا في ثورة الجماهير علي الظلم والاستبداد، ومهاجمتهم للقسم، أو وصول "نور" لاحد شهود واقعة اغتصابها، الا ان تخلص السيناريست من بطله الاوحد في الفيلم "حاتم" من خلال انتحاره افسد النهاية، مثل بعض الافلام الاخري التي تجد دائما الحل السحري لفخ النهاية في الموت ، مثل موت شخصية كل من "الارهابي"، و "المثلي جنسيا" في عمارة يعقوبيان ، وكأنه استكثر علي مشاهديه أن يخضع "حاتم" للمحاكمة عما اقترفه، فيهبط بسقف التعاطف معه في بداية الفيلم .


اخيرا، لعب خالد صالح دور عمره، بصوته، افيهاته، تعبيرات وجهه، ومشاهده من البداية حتي النهاية اتسمت بالقوة والتماسك والسلاسة، كالسهل الممتنع ،ومن اهم مشاهده، مشهد سرقة ملابس "نور" وشمها بحثا عن رائحتها، أما اعظم مشاهده، مشهد ذهابه الي كنيسة سانتا تريز، لعمل حجاب محبة، وحين يخبره القس بأنه لا يمكنه تنفيذ رغبته، يرد "حاتم" بكل ثقة وعنجهية، أنه لن يكون هناك احتفالات بالكنيسة هذا العام، مؤكدا طوال الفيلم علي أن "اللي مالهوش خير في حاتم مالهوش خير في مصر".

ملحوظة:
دا اللي فاكراه من مشاهدة الفيلم،كان في حاجات تانية بس فعلا مش فاكرة،

وكمان في نقاط كتيرة من النقط اللي فاتت هي نتاج مناقشة بعد الفيلم مع مخرج سنيمائي صديق.

Saturday, November 24, 2007

فنجان قهوة



أتذكر وجهه كل مرة، انظر فيها في قلب فنجان قهوة، وأعود الي الوراء مع فنجان القهوة صباحا وقراءة الجرائد تقريبا يوميا في الفراندا معه ،علي مدار سنوات، لا اهتمام بالمسافة او التوقيت، اقطع المسافة صباحا، أمر علي بائع الجرائد، وأحيانا المكتبة المجاورة للمنزل لاخذ كمية لا يستهان بها من الكتب ، وعندما كنت بعيدة، كنت استبدل كل هذا بفنجان قهوة صباحا، والهاتف أسأله عن اخر الاخبار؟ ونظل لساعات وساعات، رغم عدم عشقي للهاتف ، فلا استطيع التحدث مع من لا أراه، الا ان معه الامر مختلف، كنت اجد كثير من الكلمات والموضوعات للحوار والنقاش، وصولا الي اخر نكتة سمعها، والتي أحيانا كانت مكررة الا اني دائما كنت ومازلت علي الاستعداد للضحك بقوة كأنها المرة الاولي التي اسمعها، فهو من اكثر الاشخاص الذين يمتلكون موهبة القاء النكتة.

أبدا لم أتذكر في اى طابق من البناية يسكن، لكن حين ابدأ في الصعود لا أخطيء بابه، وأبدأ في الضغط علي جرس الباب، سرعان ما اسمع خطواته، فيقفز قلبي بين ضلوعي في انتظار ابتسامته العريضة، وقبلته اليتيمة علي خدي ، أو حضنا عميقا، اذا لم تكن يداي مشغولتان ، كأننا لم نر بعضنا البعض منذ سنوات، ثم يبدأ في السؤال عن كل جريدة وكتاب، حاسدة ذاكرته القوية، ثم نتجه نحو الفراندا، اجد فنجان القهوة ساخن مع مناقيش الزعتر، وحين أذكره اني لا احب الزعتر، يبدأ في استعراض فوائده الصحية، محذرا اياي من عادة عدم تناول افطار، وحين أشاكسه انه بدأ يمارس من هم أكبر سنا، الذين ابدا لن استمع اليهم، يغضب كطفل صغير، ويسألني ساخرا كبار سن؟ هل انا عجوز لهذه الدرجة؟
أباغته بتغيير الموضوع تحب تسمع ايه؟

كنا نقضي وقتا طويلا في مراجعة مقال او فصل من كتاب، متذمرة من كل خط أحمر حول كلماتي،أو وضع الكثير من الفصلات بينها، حتي أدمنتها مثله، ثم نكمل اليوم بمتابعة الجزيرة، او أن أقرأ له كتاب ما بصوت عالي، متذرعا بضرورة أن تكون لغتي العربية قوية، وهذا لن يحدث الا حين اسمع الكلمات عاليا ، أو بمقابلة صديق، أو نخرج لمجرد التمشية، وحين اعلن العصيان يبدأ في لعن جيلي الكسول الذي وجد كل شئ جاهزا دون عناء، ازداد اصرارا علي مناطحته، متهمة اياه بالغيرة منا في عقله الباطن، وبعد أن نتبادل الاتهامات، يحذرني بضرورة ان الوقت تأخر ويجب ان اعود للبيت ، ضرورة أن أتي اليه ف الغد ولكن ابكر من اليوم، متهما اياي بحب النوم والكسل، أذكره انه بالنسبة لي لا يوجد ابكر من التاسعة، فأنا لست بائعة لبن مثله لاستيقظ في السادسة. ينهي الحوار بقبلة علي خدي الاخر غير مكترث بنظرات المارة الينا .

منذ فترة لم نلتقي فقد انشغلت ببعض الامور عنه، فلم يعاتبني، فنحن متشابهان في عدم العتاب، أو خلق الاعذار للاخرين أو لانفسنا، وكالمعتاد نظرت في فنجان قهوتي ، فأتذكرته بقوة، أغادر الكورس من منتصفه، اتصل به، أين أنت؟ يرد بسخرية محاولا أخفاء وهن صوته :في البيت أليس هذا تليفوني الارضي؟ أحسم الموقف :أنتظرني فأنا في الطريق اليك.

أتخذت نفس المسافة، قافزة نفس درجات السلم، مؤكدة لنفسي اني سأحاول هذه المرة تذكر في اي طابق يسكن، وحين أطل من خلف الباب المصنوع من السلك، ومن ورائه مكتبته المتخمة، أجده مشرقا نشيطا محاولا أن أكذب ما لدي من هواجس تجاه صحته.
وحين سألته عن الصحة، راوغني وحاول أن يغريني بأن لديه مناقيش زعتر او بسبوسة، اختصارا وافقت علي اكل الاتنين، صمم ان نخرج الي الفراندا فقد مضي وقت طويل لم نكن هناك، اتذرع ببرودة الجو، سرعان ما تناسينا السابق، وبدأنا كما كنا في الماضي، أقرأ وهو يسمع، يناقشني واناطحه، يحتد علي ثم أحاول استرضائه، أسأله عن اخر نكتة، ويحكي لي اخر نكته سمعتها منه، يذكرني بتأخر الوقت، أرد بأني لا اهتم ، أطلب فنجان قهوة، فهو الوحيد القادر علي أن يأسرني بقهوته، فمن يده الطعم مختلف، ومعه الزمن مختلف.

حان موعد الانصراف، لم يستطع ان يملي علي نصائح الامس، فقد سبقته بضرورة أن يحترس من البرد، واضعة الكوفيه حول رقبته، وطبعت قبلة علي خده مؤكدة أني اخشي علي البرد منه وليس العكس، يضحك ويتهمني بالنفاق، ويسألني مثل أيام عهدنا القديم لماذا لم أولد مبكرا بحوالي ثلاثين عاما؟! أكرر اجابتي التي حفظها، أن الحب لا يعترف بالسن
!!

Sunday, November 18, 2007

اعترافات ف عز الضهر



علي نسق اعترافات شهروزة حبيبتشي، حاولت اعترف بحبة حركات ومقالب وبلاوي ارتكبتها فافتكرت جزء، هقول منه حاجات، وهحتفظ بحاجات مش هقولها ، ولاقيت كمان ان بعض بلاويا اختفي تماما بالظبط زي المكسرات لما تغوص في الشيكولاتة ومتبانش!!

أنا اللي دبرت مقلب الازازة اللي ريحتها وحشة ف شنطة يد أبلة سلوي، لانها حلفت تسقطني في امتحان الشهر،في تانية ابتدائي، لاني فضحت بنت اختها اللي كانت عاوزة تغش مني ف الامتحان، ولزق المقلب في الواد الجتة "عماد"، فتوة الفصل ، انا حطيت الازازة ف شنطتها وفي الفسحة روحت ل "عماد" وقلت له ان ابلة سلوي اديتني شيكولاتة من شنطتها، زي العبيط راح عند شنطة الابلة، وفتحها ، لاقي الازازة فتحها، وانا زقيت دراعه وخلعت، كانت الازازة وقعت جوا الشنطة وعملت الريحة المقرفة دي، وخد حتة دين علقة، يستاهل ما هو كمان قبلها بيومين وقعني في الفسحة علي الارض، وركبي الاتنين اتعوروا، قال ايه مش عاوز بنات تلعب معاهم كرة.

أنا اللي ضحكت علي المسكين اخويا عشان يكسر الاطباق الازاز ، أمي كانت بتحبهم جدا لانهم كانوا هدية من ابويا لما كان مسافر ليبيا، انا شوفت امي بتحطهم علي النار ومش بيحصل لهم حاجة، قلت طالما النار مش عملت حاجة يبقي رزعهم ع الارض مش هيأثر، وتفاديا للضرب لو اتكسروا قلت استخدم المسكين اللي ما صدق ما لقي حاجة يلعب بيها، وكل ما يكسر طبق، اقنعه انه يمكن الباقيين ميتكسروش، وهاتك يا دشدشة.

أنا اللي حرضت المسكين الغلبان برده أخويا انه يحط الميه ف قلب التليفزيون، كنت عاوزة اعرف ايه اللي هيحصل لما احط الميه، كنت فاكرة ان الناس اللي جواه هيطلعوا برا، طبعا انفجر، واخويا اتكهرب وكمان أخد العلقة .

أنا اللي قصيت فستان فرح مامتي حبيبتي، كنت عاوزة اشوف عندي مواهب ف الخياطة زي تيتا ولا لاء؟ وكمان كنت عاوزة اقصره عشان يبقي علي أدي، لبست العملة ف بنت خالتي، اللي هي في نفس سن امي، ساعات كانت بتيجي لتيتا ،وتقيس فساتين أمي من وراها، وعليه اخترت يوم تكون هي جاية، وكشفت انا العملة ،خصوصا انها كانت معجبة بالفستان، ونفسها تاخدوا، طبعا امي كانت بتقول بعين اللي خلفوها . دا اول اعتراف بالعملة من عشرين سنة .

- أنا اللي كنت بقلد مسرحية "ريا وسكينة" و بحط كل مرة الملح علي السكر، في فنجان القهوة، بتاع ابن خالة امي ،أونكل عبد الراضي ،و بعدها معدته تقلب ، ويفضل رايح جاي من والي التواليت، كل مرة يجي فيها م الصعيد، لانه دايما كان يدي اخويا عيدية اكتر مني قال ايه عشان هو الولد، وكمان بيحرض امي ان بقيت طولها، وميصحش العب ف الشارع، مع ان كان عندي سبع سنين، وكل مرة بعد ما يمشي اتحبس واخد علقة لو حبيت العب ف الشارع.

- أنا اللي بعت هدية لاستاذ الفيزياء ف أولي ثانوي، عبارة عن ببرونة أطفال، وجواها ورقة بتقول "علي أد سنك"، طبعا الورقة مكنتش بخطي انا، كانت بخط اغلس بنت ف الفصل، وكانت حدفتني بالورقة ف الحصة، كنت مزقططة جدا وغلست عليها ، لما جه الاستاذ تاني يوم وهزئها قدام الفصل كله علي عملتها الهباب.

أنا اللي كنت السبب في حرق شعر بنت خالتي في فرح أختي، من تسع سنين، كنت انا وعبير صحبة اختي ماسكين الشمع، اتكعبلت مش عارفة ف ايه؟ (وش بيغمز) ، شمعتي جات علي ايد عبير اللي شمعتها مالت علي راس بنت خالتي ، فاتحرق شعرها، بعدها الاتنين اتخانقوا وقاطعوا بعض، بصراحة بنت خالتي تستاهل، كانت بتتنك وبتتمنظر بدون داعي.

- أنا اللي ناديت علي أبلة وفاء مدرسة التاريخ في تالتة ثانوي، عشان تشوف سمية صحبتي ورا باب الفصل كانت بتعمل حواجب بنت صحبتها بالخيط، اتحولوا لمكتب الست الناظرة، اللهم ما احفظنا،
تستاهلي يا سمية ، حاولت كتير اقولها بلاش ف الفصل ممكن التواليت.
أنا اللي دمرت عشرين شريط كاسيت بصوت أم كلثوم ، لبابا أول ما رجع م السفر، لان وقتها مكنتش بحبها خالص، وهو واجع دماغي باغانيها الطويلة علي مدار 24 ساعة، فسجلت عليهم حلقات مسلسل " الشهد والدموع " و "ماكجيفر" ، وجزء منهم كنت بقلب البكرتين عكس بعض، وأول ما هو يحط الشريط في الكاسيت يتشد ويتقطع ، لزقت في أختي لانها الوحيدة اللي عبرت له عن عدم حبها للست ام كلثوم، وأمنيتها انه يرحمها م الشرايط دي.

اعترف اني انا اللي فيرست اللاب توب بتاعه مش صديقته الانتيخ ، كل مرة كنت اروح أسافر أقضي اجازة هناك، كانت بتحب تيجي البيت من باب الغلاسة، وف المرة دي اتصلت عاوزة تيجي عشان تستعمل الانترنت، وكمان كانت عاوزة تستعمل اللاب توب بتاعه، مش الكمبيوتر العادي لانه بطيء، أنا كمان اتصلت بصديقي الانتيخ، انه يبعت لي لنك لاي فيروس، وفعلا اول ما هي جات تستعمل الجهاز كان الفيروس انتشر، وشل الجهاز ، ودي كانت أخر مرة أشوف خلقتها ف البيت، خصوصا ان الجهاز خد كام يوم لحد ما اتصلح، تستاهل لانها عارفة أني مش كنت بحب استعمل اللاب توب احتراما لخصوصية حاجاته كمان كنا رايحين السنيما .

اعترف كمان أني أنا اللي دبرت وخططت لكسر سي دي بتاع لعبة "الحضارة"، مش بحب الجيمز، وكنت بتغاظ لما كان قاعد قدامي بيكلمني وماسك اللاب توب وهاتك يا لعب، وفشلت محاولات اقناعي باني اتعلم اللعبة، ونلعبها سوا، ولاني درست خطواته كويس في البيت، حطيت السي دي جنب رجل ترابيزة المطبخ، وهو زي كل مرة، جه حرك الترابيزة جامد، ورفعها، وحط اللاب توب عشان يلعب ، وهوب السي دي لوحده كان تحت رجل الترابيزة، وديشششششش، لزقتها فيه هو لانه دايما كان سايب حاجاته مبعترة ف الشقة من غير نظام..

أخر حاجة لسه طازة امبارح بس، حطيت رجلي قدامه وهو بيعدي، وقع اتكوم وهو نازل من عربية المترو، غلس عليا، وغتت، وكمان البادي سبراي بتاعه كان يقرف، كبرت دماغي اني ازعق له، قلت الطيب أحسن، اللهم لا شماته
.

Wednesday, November 14, 2007

البحر اسكندراني ..وليل حب ونسايم

بسمعها دلوقتي وكمان ليا كام اسبوع مش بسمع غير غنوة واحدة، أخدتها من صديق، البحر اسكندراني لمحمد حمام، تقريبا شهر، بسمعها الصبح والعصر والمغرب واول ما اصحي وبعد ما انام كمان ، بالظبط زي حواديت أبلة فضيلة وكنت مصرة أروح اسكندرية قريب، فشلت اقنع اصحاب تانيين انهم يجوا معايا ، بس ولا همني هم الخسرانين ...
أحلي الرحلات اللي عملتها كانت بتتنفذ وقت اقتراح الفسحة، او بعدها بكام ساعة، يعني مرة ف صحبة تلات صديقات قررنا ناخد اجازة ونسافر علي روما، وفي ثواني، تليفون للشغل، ومحطة القطر ،وخلال كام ساعة بدأنا الرحلة، والمرة التانية، كان عندي اجازة اسبوعين، تليفون وحوار مع صديق وبعدها بكام ساعة رحلة بالعربية عبر تلات دول، ومرة أخدت شنطة صغيرة جدا كنت رايحة مدينة علي بعد ساعتين بس بالقطر، لاقيت نفسي ف المطار وكمان علي طيارة لبرلين ،اصل بحب الحاجات اللي من غير ترتيب، أحيانا ، ولا وجع القلب مع اصحاب استحالة يصدقوا ف حاجة اتفقوا عليها معاك، ولا هيروحوا رحلة خططوا لها، وغنوا عليك بها كتتتيييرررر :(
خلال سنة ونص معرفتش اخرج برا القاهرة الا مرتين الاولي ترحيب لعودتي لارض الوطن، دعوة من صديق للعين السخنة لمدة اسبوع،والمرة التانية للسويس عشان أعزي صديقة، وكل مرة نبدأ نخطط كمجموعة ويتحدد معاد ينضرب المعاد ليه؟ معرفش كل واحد يسأل نفسه :(
أخيرا خرجت النهاردة الي الاسكندرية، يا حلاوووة، تبدأ الحكاية والعهدة علي الراوية، اللي هو انا، اني كنت (ومازلت بس شغال) حاسة بالخنقة من مواقف سخيقة علي مدار الاسبوع خصوصا امبارح ، ف البيت والشغل، والكورس، والمترو، وحاجات كتيررررروانا بفتح باب بيتنا، قررت أسافر مع نفسي لاي حتة، ولو اني دايما بحب الصحبة، بس خلاص بما اني يئست قررت أسافر "وحدي..وحدي لكن ونسان وماشي كدا"، واول ما أشغل الماسنجر الاقي صديقي الانتيخ، واحنا الاتنين ف نفس واحد، أزيك؟ نرد ف نفس واحد: زفت، وخنقة، علي طول تيجي نسافر؟ أه بس أمتي؟ يقولي الجمعة؟ وانا لا بكرة طب الخميس؟ وبدأنا التفاوض لحد وقت متأخر، أفرض انا بديكتاتورية بكرة يا بلاش هروح لوحدي، يوافق، نبص ف الساعة، نلاقيها بقت تلاتة، ماشي نتقابل كمان تلات ساعات في رمسيس، ماشي، وهكذا بدأ اليوم...
ملحقتش انام بس مش مهم، علي خمسة بدأت أتسحب من بيتنا مش ناوية اصدمهم اني مزوغة من فرح ف العيلة، زي كل مرة ، حرام، وأدور علي مفتاح باب البيت اللي تحت خالص مش لاقياه روبع ساعة ، اخدته من سلسلة مفاتيح أبا الحاج، وانزل الاقي الباب مفتوح أصلا، مفيش حد ماشي ف الشارع، بس ولا يهمني ما عفريت الا شبح .
لما بكون مسافرة مبحبش أشيل حاجة، هو شنطة صغيرة جدااا، عشان منظري العام، ولتر بيبسي للتسالي ،النهاردة بس زودت جاكت عشان الجو مكانش مضمون، وكاب كان علي وشك يقع ف الميه ، بس، اتقابلنا في رمسيس فطرنا سوا بلاش اقول فطرنا ايه؟ ، ركبنا، وخلال ساعتين كنا هناك، وكمان عشر دقايق بقينا قدام البحر خبط لزق، زمان لما كنت بروح اسكندرية كام شهر ف الصيف، وساعات الاقامة تمتد كمان خلال الشتا، كان عندي احساس ان الاسكندرانية ناس فاضية وعواطلية، وطول النهار قاعدين يحبوا ع الكورنيش، بس طبعا دا اتغير، النهاردة كان احساسي انهم بيحبوا وبس، اتنين اتنين ماليين الكورنيش، واغلبهم مزوغ م المدرسة، اللهم لا حسد، حقد بس، هههه انا وصديقي الانتيخ كان شكلنا غريب حبتين، وكنا فرجة، بما اننا مش باين اننا حبيبا ولا حاجة، كان باين بس اننا واحدة وابنها، ابن اختها، جوز أخت بنت خالة عمتها اي حاجة ، هو مشغول باللاب توب والواي فاي اللي طول الكورنيش، وانه يغيظ باقي الناس اننا ف اسكندرية، وانا بلعب علي مصدات الامواج، كتل اسمنت قدام الشواطئ، لحمايتها م التأكل، كنت فكراهم من زمان اويي انهم حاجة م الاتنين قطع (أوشاط) للعب الطاولة وكان عندي ثقة ان الحجم دا يناسب الرومان وانهم كانوا بيلعبوا طاولة هنا ع الشط بالكتل دي، الاعتقاد التاني تماشيا مع التطور الطبيعي للحداثة والحبشتكنات كلها، كنت فكراها كتل لبناء كباري جديدة بما أننا بلد افتتاح كباري ف كل مناسبة.
وعلي حين غرة يرن الموبيل، من "زميل عمل " انتي فين؟ انا ع الكورنيش (بقصد كورنيش الشاطبي، هو فاكر النيل)،انتي متأخرة كدا ليه؟ وهوب يقطع الخط، وانا اتنح ، نعم؟ فين؟ انا قلت لمديري أني أجازة، يتصل تاني، افهمه، وكمان رنة من السيد الباشا الامور المدير اللي مش صديق ولا حاجة، طيب هاتي لنا معاكي "هريسة" حاضر من عونيا ….
تفرغ صديقي الانتيخ لاعطائي دروس فيزياء المكان، زي ليه الناس مش بتنشر غسيلها علي منشر ف مواجهة البحر؟، انا اتفذلكت وقلت البلكونات شكلها هيعر الكورنيش، فا مفيش غسيل من قدام الكورنيش زي اوروبا والدول المتكدمة، هو اعطي فتوي متعلقة بفيزياء المكان بتقول ان وجود البحر مش هيخلي الغسيل ينشف بسرعة، عشان البخار ف حالة معرفش ايه ما عالينا، انا كبرت ومدققتش، مش بحب الارقام ولا المعادلات، نكمل بقي فضلنا نمشي ونرغي ونمشي، ونتكلم سياسة أدب، تاريخ، حواديت، في سيرة كل اللي نعرفهم، نريح شوية ع المصدات، يعني مددنا ع الصخور، عند بير مسعود كدا، أو علي المصدات نفسها، والميه هوب علينا ، أو علي الشاطئ نفسه، ونمشي حبة.
محستش بالوقت ولا اي تعب، انا كدة لما أسافر، بسيب كل كسل القاهرة واستسهال ركوب التاكسي عن المشي، وانطلاق، مشينا من الشاطبي، لحد ستانلي، وبعدين لخالد ابن الوليد، و صديقي مستمر ف دروس الفيزياء، وانا مستمرة في قمعه، وممارسة ديكتاتوريتي، لان لما بسافر بحب امسك انا الخريطة، وبالتالي منعته من فكرة انه يهوب جنب كوستا، أو بينوس وغيرها من الاماكن دي، اللي اتخنقت منها ف كايرو ،دا غير ان بحب طالما هسافر يبقي فسحة جامدة طحن علي حق مش طق حنك ، يعني ولا ماكدونالد، ولا كوستا، ولا كل دا، طالما انت في روما، يبقي عيش وأتسنحك علي طريقة " أهل قاع روما، وليس قمتها" كمان، علي رأي صديق روماني (نسبة الي روما وليس رومانيا) المهم أصريت علي قهوة أبو الحسن في خالد ابن الوليد مع شاي بالنعناع، وقهوة بنها مضروب، وكمان فيلم "جعلتني مجرما" كنت اول مرة اشوفه بما اني مش متابعة السوق، وصديقي ما صدق طلعت ف دماغه انه يستستهل وكسل يقوم نتمشي عشان نتغدي سمك ، وقال قرر ناكل فول من علي عربية "فول باب الشعرية" اللي بتغطيها شمسية عليها اعلان "اتصالات" قدام القهوة ، وأتلكك اني عندي التهاب رئوي ومينفعش أكل سمك، سمعت الكلام وقلت له وفرت (كان علي أنا عزومة السمك) ، بعدها قررنا نستكمل الجولة، عاوز يتفرج و يعمل شوبنج وبنطلونات و حركات، وانا أصريت ان ممنوع شوبنج، أنا بكره الشوبنج جدااااا مع فيتو اني عاوزة اشتري توك كلبسات لشعري، احسن الكيرلي كله هيطير مع الكاب وتبقي فضيحة، وزعل لما وقفت خمس عشر دقايق اتفرج ع الاكسسوار (الحاجة الوحية اللي ممكن اتفرج علي الفتارين عشانها )، ولما بدأت أختار هدية لحد مهم جدا، اعلن العصيان المدني، بس برده اشتريتها.

طول الوقت كنت بزن اني عاوزة أكل هريسة من عند أحمد حسنين، مع اني مش بحب الحلو قوي بس بحب اكله بكميات صغيرة وعلي مراحل، وزمان لما كنت ف اسكندرية لشهور عند بنت خالتي، كل يوم الصبح لي حتة كبيرةةةةةةة جدا هريسة ف الغالب كنت باكلها ع البحر، ومش بدي حد حتة. وأخر مرة كنت فيها ف اسكندرية من تلات سنين كنت ماشية وانا معايا خمسة كيلو هريسة، مش ليا والله للحبايب بس.

قعدنا وكلنا الهريسة، وفضل صديقي يتابع الواي فاي وهو مبسوط كأنه جاب الديب من ديله، وكمان معاه اتنين موبيل ..صدااااااع ... وكمان أدلي بأحاديث صحفية وجرنالجية، وغيره وكمان مكتب الامم المتحدة بيدعيه لمؤتمر؟ أجري ياض العب بعيد ، انا بقي فضلت قاعدة مأنتخة أقرا حبة ، وأتكلم حبة (مع نفسي بس مبسوطة جدا)، وكتيررر جدا كنت بغني بصوت عالي "البحر اسكندراني والريح اللي معانداني ترالالالام "، مقدرتش اطلب فريسكا لان كانت خلاص كدة رضا.

وفضلنا نتمشي بعدها، وبما اننا مخنوقين، ومكتئبين فضلنا نفضفض ونتكلم كلا من منا بصراحة عن اللي مضايقنا، وكمان أخدنا قرارات حاسمة، وهي العمل علي الا نكتئب مهما كانت الظروف، لان هي كدة "فيها ابتسامة وفيها أه، وفيها أسوة وحنية" ترررلالالام ، وكمان التنفيض للاشخاص مصدر وجع القلب والراس، "وابقي قابلني" J

علي هامش الرحلة كان اكتر يوم ف حياتي استقبلت فيه مكالمات تليفونية، بقالي فترة محدش بيعبرني، واللي بيعبرني بنفض له، ليه؟ الله أعلم ، ناس جاية القاهرة ومتلاقينيش، وناس ماشية ما تلحقش تسلم، لان الجميع معتمد اني مبتحركش منها، حتي الاصدقاء علي الجانب الاخر من البحر المتوسط، أندهشوا، وحقدوا، زي بعضه عديتها..
بدأنا نتحرك عشان نرجع كان الجو بدأ يبرد، وشتا فعلا، لبسنا الجاكت الخفيف، والكاب، والايس كاب كمان، وفضل موال الواي فاي شاغل صديقي، أنا متنحة لمنظر الغروب علي كوبري استانلي وهو بيجرب مدي قوة الواي فاي وطلع منها بنتائج مهمة جدا ، وهي علي أول كوبري استانلي هتلاقي كونكشن من كوستا وبينوس، ف نص الكوبري هتلاقيه من ماكدونالد، كنت علي وشك احدفه هو واللاب توب وماكدونالد نفسه من ع الكوبري وأقول ضاع ف الاتوبيس. قولنا نشتري هريسة للجهامير اللي مستنيانا، وناخد أول مرسيدس للعودة، لسه بنستكشف الجو، وفجأة لقيته ماسك شنطتي وبيشد، يا عم سيب وهو لا هتيجوا معايا تركبوا العربية التانية، يا سيدي مش بندور علي عربية، هو كان منادي العربيات قصير جدا، (مش قصدي التريقة) افتكرته طلع حد من الاقزام المشهورين اللي كانوا بيمثلوا ساعات ف الافلام، واحاول اقنعه مش عاوزة اتنرفز ان احنا رايحين نجيب هريسة مش عاوزين عربية، خلاص تعالوا انا هجيب معاكم الهريسة، صديقي انتخ م الضحك، وسابني كدة الراجل ماسك شنطتي، ولاقيناه طلعنا قدام العربية، وبما انه مش مبطل ضحك، زعقت فيه هو سي الانتيخ ان يلا مفيش هريسة وهنروح خلاص.

أكبر مأسأة أصرار الجمهور قصدي الركاب والسواق انهم يشغلوا فيلم طول الطريق رايح ، جاي ل سي سعد الصغير، انكتب لي اشوف ابشع افلام الارض، "عليا الطرب بالتلاتة" و "الحي الشعبي" والاتنين من بطولة سيادته والمزتين نيكول سابا ودينا، وشلة غجر تانيين، فشلت انام ف الفيلم الاول ، لكن حلفت لانام ف التاني وفعلا بعد ما طنشت ارد ع الموبيل.
دخلنا القاهرة وبدأت الغلاسة، الطريق الدائري قال ايه مفحوت، ومحفور وكل الافتكاسات، ماسكين جتته وهاتك يا تقطيع، من عند كارفور البوابات لحد معرفش فين، وعلي كوبري 15مايو مدخل الزمالك، وقفنا عسكري مرور قال ايه الباشا الظابط عاوز الرخص، يوووو عاوزين نلحق الجهامير اللي مستنيانا، ثواني خلعنا م العربية واول تاكسي، البيه الظابط شافنا، قال هاتوا الاتنين دول، بس علي مين مع نفسه هو بقي.
وخلاص خلصت الحدوتة ... عارفة انها ملتوتة
بس كان نفسي أركب الترام الاصفر:(
اسمعوها بس:

البحر اسكند....ف عيونه البحر غايم
وليل حب ونسايم
دا انا بقول يا هادي....
وانا لسه...ع البر عايم
:)
بيتنا النهاردة الصبح

Friday, November 9, 2007

علي الجانب الاخر من البحر



رغم أني كنت علي الجانب الاخر من البحر، فقد حالفني الحظ كثيرا، ولم تقع عيني علي جثث لفظها البحر، بعد أن لفظها أهلها ، الا وهي مدعية الحياة، هاربة من تابوت الفقر في الاغلب، أو احتلال حكومة حزب وطني فاسدة.
اختلفت الطرق، وتشابهت القصص، وتوحد الهدف لدي كل عابر، وكان علي الاستماع، ولكم أصابني الهلع، والترقب، اوحتي الدهشة، أثناء متابعتي أحداث كل قصة، رغم تأكدي من النهاية، وانتصار البطل المزعوم الجالس امامي، بملابسه الرثة، ومتعلقاته البسيطة، وأحيانا بدونها، ذلك البطل الذي سرعان ما تحول الي مجرد رقم علي استمارة بدرج المكتب، أو ملف علي الديسك توب .

دائما كان خيط البداية واحد، تليفون من قسم الشرطة بوصول وافد جديد "متسلل عبر الحدود"، والسؤال عن امكانية استضافته بالمركز "مركز طوارئ لاستقبال لاجئين" مؤقتا، ثم تبدأ مرحلة توفيق أوضاع الوافد قانونيا، عبر محطات عدة، تستمر ربما لسنوات، رغم التصاق صفة "مؤقت" بأوراقه، وان كان مازال قاصرا فسرعان ما ستتبناه الدولة.
لم تختلف معظم القصص في نهاياتها، ربما في نقطة البداية، وتفاصيل التفاصيل، فلم تختلف قصة "سامان" النحات والرسام الايراني، عن مواطنه "مصطفي" بطل ايران في المصارعة الحرة، علي مدي سنوات، أو "أورهان" وابن عمه "احمد" من أكراد ديار بكر، عن "ستيف" الهارب من الفتنة الطائفية بأثيوبيا، عن "ماريا" عن "فريدة" ،عن "زينات"، "علي"، "سارة" واسماء كثيرة .

ربما "حسن" كان من اكثر الشخصيات التي لم تسقط من ذاكرتي قط، عدت يوما من احدي الاجازات ، وسألت زميلي عن "الوارد والصادر"، التعبيرين المستخدمين عما اذا كان هناك نزلاء جدد بالمركز، أو مغادرة احدهم، وهو امر نادر الحدوث، فأشار الي لطفل هزيل، يقف وسط ملعب الكرة ، وتحت زخات مطر، شهر فبراير، خارج نافذة المكتب المطلة علي الفناء الخارجي، يبدو في العاشرة، نحيف، بروز لعظام وجه،يرتدي ملابس اكبر من المفترض، غير متناسقة، اندهشت كيف لطفل في العاشرة وصل الي هنا، فا الاوراق امامي تصر انه بمفرده، بدون عائلة، قبض عليه أثناء محاولة للتسلل الي احد القطارات التي تمر عبر الحدود الايطالية- النمساوية، فقد كان يرغب في الذهاب الي المانيا، (معظم المتسللين يتطلعون لذلك املا في حياة افضل).
استقر حسن في المركز، وتوطدت علاقتي به، حين أخبرني بعد أيام انه لا يعرف كيف يمكنه الاتصال بعائلته، ليعرف والده انه كان جادا في قراره، ودس في يدي ورقة مهلهلة، تحمل أرقاما كثيرة ، وحين طلبت واعطيته الهاتف، اختفي هدوئه المعتاد، وظهر شقاوة طفل، يمرح ويمازح الاخوة والام والاب، بلغة غريبة عني، تخللتها كلمات عربية "الحمد لله- نعم- الله " ، بعدها استجاب لمحاولات سابقة في ضرورة أن يبدأ تعلم اللغة ليتواصل مع محيطه ،وقدمته ل ريناتا المدرسة ليتعلم اللغة، التي اندهشت لسرعة تعلمه، والتحق باحدي المدارس الليلية، وخلال اليوم لم يكن يخجل ان يسأل عن معاني كلمات عجز عن فهمها، وبمضي الوقت، والاحساس بالامان بدأ "حسن" يسرد أجزاء من حياته قبل ينجح في عبور البحر، "حسن" أفغاني، ولا يتحدث العربية، الاوردية، و بعض الانجليزية، وفوجئت ان سنه اربعة عشر عاما، وليس عشرة اعوام كما ظننت، حكي أنه ودع عائلته في افغانستان، المكونة من أب وأم وتسعة أبناء أخرين، ترتيبه الخامس بينهم، وعندما سأله أبوه الي اين؟ رد بكل ثقة الي المدرسة ولكن في بلد أخر، والده لم يعترض، فهو لديه الكثير من الابناء، بدأ رحلته سيرا علي الاقدام، الي باكستان، ثم ايران، ومن هناك تم اجباره علي العودة، وتم ترحيله، الا انه بمجرد العودة، عاود الكرة، وبدأ رحلته من جديد مصرا علي النجاح هذه المرة، سلك طريق الجبل، وصادق قطاع الطرق، باكستان، ثم ايران، ثم تركيا، ومن هناك استطاع التسلل لاحدي سيارات التهريب، التي عبرت به البحر علي ظهر سفينة، ووصل الي ايطاليا، واتخذ طريقه في اتجاه الشمال، حيث المانيا، الا ان ملامحه الشرقية ، وهزاله الواضح، ووجوده وحده داخل القطار، ادي للقبض عليه.
كان هدف حسن ان يلتحق بالمدرسة يوما، وحلمه ان تتاح لاخواته الاصغر الفرصة نفسها، في اول فصل دراسي جديد، التحق "حسن" بالمدرسة، وسرعان ما انتقل الي مكان أخر مخصص للقاصرين، وان رأيته بعدها كثيرا، فالمدينة صغيرة، وتجمعنا مدرسة واحدة، فحين بدأت كورسات لغة المانية رأيت اسمه في القائمة الطلاب، واعترض علي عندما سألته ان يركز اولا في اللغة الايطالية، وحين اخبرته اني رايته في الجريدة ،في ريبورتاج عن اللاجئين، أخبره ان كاتب التحقيق بعدها قابله بأحد منتجي الافلام ليصنع من قصة "حسن" فيلما سنيمائيا، الا ان "حسن" رفض مصرا علي أن قصته بدأت توا ولم تنتهي بعد، مشيرا بيده نحو الشمال!!






وقائع القصة فبراير 2006
"Ex-Gorio"
emergency center for refugee

Monday, October 29, 2007

أصحاب وﻻ ؟


لي أصدقاء كثيرون، لكن معارفي أكثر، وان شعر الجميع انهم سواسية في علاقتي بهم، محاولة قدر اﻻمكان الي الاصغاء لهم، في الشكوي والفرح، فقد تدربت بمرور الزمن علي الاصغاء، ربما لحبي المستتر للحكي، ربما هي احدي محاولاتي أن أبدو مثالية، متشبثة بقيم قد عفي عليها الزمن. ربما هو عجز مني، ولا يوجد لدي ما يمكن أن اقدمه للصديق، وأن حيرني دائما الوقوع بين شقي رحي ما تفرضه الصداقة من مشاركة واهتمام متبادل، وبين ضرورة احترام حدود الحياة الخاصة للصديق، وعدم ترحيبي باقتحام خصوصيته، فلا أخذ منه أكثر مما يعطيني من اهتمام، ولا أصغي الا لما يقوله بارادته، دون تقليل من اهتمامي به، فلا أميل الي الالحاح عليه، أو استنطاقه، وهو ما اعتبره من أشكال الابتزاز، و عدم الامانة... أريدها صداقة حرة دون قيود، فان أراد الحديث عن همه سيجدني..وان ارادة مشاركتي فرحه سيجدني..وان عصفت به الحياة سيجدني دون أن يبحث عني.. فأنا أبنة أصدقائي (المقربين) حسب تعبير أمي، عندما اشتكتني لصديق من قلة اتصالاتي أثناء اقامتي بالخارج، فكان الصديق كثيرا ما يطمئنها عن أخباري، فقد كنت اتصل به اسبوعيا.

لا أمتلك أجنحة فأحيانا أغضب من صديق لتصرف ما، خاصة مواعيد اللقاء، التي في الغالب لا يلتزم بها الصديق، فأنا أكره الانتظار، ومع هذا كثيرا ما اتناسي غضبي فور لقائي بالصديق، وكأنه لم يكن، وأكره أن يبادر الصديق بخلق الاعذار، فلا أشجع علي المجاملات بين الاصدقاء، أريد الصديق كما هو علي طبيعته، دون جراحات تجميل، فلي صديق سألني يوما علي اصراري في الاحتفاظ بصداقة صديق ثاني رغم اختلافنا في الشخصية والطباع ، فكان ردي غير انه صديق العمر الذي لا يمكنني التفريط فيه ،انه صديق بلا قناع، وانا قبلته كصديق بمميزاته او عيوبه، لان الصديق لا يمكن تفصيله، بأخذ جزء منه وترك جزء اخر .


لا ادعي اني ايضا لا التزم بالقواعد التي وضعتها لعلاقتي بأصدقائي، فأنا أحبهم جميعا ولكني لا أميل الي ترديد ذلك علي مسامعهم، كما اني كثيرا ما اكون بطيئة في تواصلي معهم، طالما هم بخير حال، وأحيانا ما يؤنبني صديق علي انقطاعي في الاتصال به، وتكاسلي عن لقائه.


أخيرا أصدقائي وعملي هم علاقتي بالحياة، فقد اثبتت تجربتي الشخصية أنه اذا توافر لدي اصدقاء مثل اصدقائي، وعمل احبه يمكنني فعل الكثير في الحياة، متخطية بهم كثيرا من الصعاب. فأنا من اختار الاصدقاء، واحيانا العمل، وبالتالي هم قدري الذي اخترته بنفسي، وليس ما فرض علي، وكثيرا ما يكون اصدقائي وعملي هم سبب سعادتي أو تعاستي. لكل اصدقائي اعتز بكم لدرجة تخجلني عن ترديد ذلك لكم في كلمات عل أفعالي تستطيع.

:)