Saturday, November 24, 2007

فنجان قهوة



أتذكر وجهه كل مرة، انظر فيها في قلب فنجان قهوة، وأعود الي الوراء مع فنجان القهوة صباحا وقراءة الجرائد تقريبا يوميا في الفراندا معه ،علي مدار سنوات، لا اهتمام بالمسافة او التوقيت، اقطع المسافة صباحا، أمر علي بائع الجرائد، وأحيانا المكتبة المجاورة للمنزل لاخذ كمية لا يستهان بها من الكتب ، وعندما كنت بعيدة، كنت استبدل كل هذا بفنجان قهوة صباحا، والهاتف أسأله عن اخر الاخبار؟ ونظل لساعات وساعات، رغم عدم عشقي للهاتف ، فلا استطيع التحدث مع من لا أراه، الا ان معه الامر مختلف، كنت اجد كثير من الكلمات والموضوعات للحوار والنقاش، وصولا الي اخر نكتة سمعها، والتي أحيانا كانت مكررة الا اني دائما كنت ومازلت علي الاستعداد للضحك بقوة كأنها المرة الاولي التي اسمعها، فهو من اكثر الاشخاص الذين يمتلكون موهبة القاء النكتة.

أبدا لم أتذكر في اى طابق من البناية يسكن، لكن حين ابدأ في الصعود لا أخطيء بابه، وأبدأ في الضغط علي جرس الباب، سرعان ما اسمع خطواته، فيقفز قلبي بين ضلوعي في انتظار ابتسامته العريضة، وقبلته اليتيمة علي خدي ، أو حضنا عميقا، اذا لم تكن يداي مشغولتان ، كأننا لم نر بعضنا البعض منذ سنوات، ثم يبدأ في السؤال عن كل جريدة وكتاب، حاسدة ذاكرته القوية، ثم نتجه نحو الفراندا، اجد فنجان القهوة ساخن مع مناقيش الزعتر، وحين أذكره اني لا احب الزعتر، يبدأ في استعراض فوائده الصحية، محذرا اياي من عادة عدم تناول افطار، وحين أشاكسه انه بدأ يمارس من هم أكبر سنا، الذين ابدا لن استمع اليهم، يغضب كطفل صغير، ويسألني ساخرا كبار سن؟ هل انا عجوز لهذه الدرجة؟
أباغته بتغيير الموضوع تحب تسمع ايه؟

كنا نقضي وقتا طويلا في مراجعة مقال او فصل من كتاب، متذمرة من كل خط أحمر حول كلماتي،أو وضع الكثير من الفصلات بينها، حتي أدمنتها مثله، ثم نكمل اليوم بمتابعة الجزيرة، او أن أقرأ له كتاب ما بصوت عالي، متذرعا بضرورة أن تكون لغتي العربية قوية، وهذا لن يحدث الا حين اسمع الكلمات عاليا ، أو بمقابلة صديق، أو نخرج لمجرد التمشية، وحين اعلن العصيان يبدأ في لعن جيلي الكسول الذي وجد كل شئ جاهزا دون عناء، ازداد اصرارا علي مناطحته، متهمة اياه بالغيرة منا في عقله الباطن، وبعد أن نتبادل الاتهامات، يحذرني بضرورة ان الوقت تأخر ويجب ان اعود للبيت ، ضرورة أن أتي اليه ف الغد ولكن ابكر من اليوم، متهما اياي بحب النوم والكسل، أذكره انه بالنسبة لي لا يوجد ابكر من التاسعة، فأنا لست بائعة لبن مثله لاستيقظ في السادسة. ينهي الحوار بقبلة علي خدي الاخر غير مكترث بنظرات المارة الينا .

منذ فترة لم نلتقي فقد انشغلت ببعض الامور عنه، فلم يعاتبني، فنحن متشابهان في عدم العتاب، أو خلق الاعذار للاخرين أو لانفسنا، وكالمعتاد نظرت في فنجان قهوتي ، فأتذكرته بقوة، أغادر الكورس من منتصفه، اتصل به، أين أنت؟ يرد بسخرية محاولا أخفاء وهن صوته :في البيت أليس هذا تليفوني الارضي؟ أحسم الموقف :أنتظرني فأنا في الطريق اليك.

أتخذت نفس المسافة، قافزة نفس درجات السلم، مؤكدة لنفسي اني سأحاول هذه المرة تذكر في اي طابق يسكن، وحين أطل من خلف الباب المصنوع من السلك، ومن ورائه مكتبته المتخمة، أجده مشرقا نشيطا محاولا أن أكذب ما لدي من هواجس تجاه صحته.
وحين سألته عن الصحة، راوغني وحاول أن يغريني بأن لديه مناقيش زعتر او بسبوسة، اختصارا وافقت علي اكل الاتنين، صمم ان نخرج الي الفراندا فقد مضي وقت طويل لم نكن هناك، اتذرع ببرودة الجو، سرعان ما تناسينا السابق، وبدأنا كما كنا في الماضي، أقرأ وهو يسمع، يناقشني واناطحه، يحتد علي ثم أحاول استرضائه، أسأله عن اخر نكتة، ويحكي لي اخر نكته سمعتها منه، يذكرني بتأخر الوقت، أرد بأني لا اهتم ، أطلب فنجان قهوة، فهو الوحيد القادر علي أن يأسرني بقهوته، فمن يده الطعم مختلف، ومعه الزمن مختلف.

حان موعد الانصراف، لم يستطع ان يملي علي نصائح الامس، فقد سبقته بضرورة أن يحترس من البرد، واضعة الكوفيه حول رقبته، وطبعت قبلة علي خده مؤكدة أني اخشي علي البرد منه وليس العكس، يضحك ويتهمني بالنفاق، ويسألني مثل أيام عهدنا القديم لماذا لم أولد مبكرا بحوالي ثلاثين عاما؟! أكرر اجابتي التي حفظها، أن الحب لا يعترف بالسن
!!

21 comments:

اسكندراني اوي said...

امثال هؤلاء اعرف منهم الكثيييييييييير

مع الفارق اني لم ارهم منذ فتره

اتدرين لماذا

لانهم راحوووووووووووووو


اطال الله لك في عمره
انهلي منه على قدر ما تستطيعين

علم
معرفه
اساليب
دنيا
دين
ثقافه

لان امثاله اصبحو قليليييييين جدا هذه الايام


ايه يا زنزانه قلبتي علينا المواجع

Anonymous said...


جميله اوي

karakib said...

ببساطه
الصداقة شيء غالي اوي و حلو اوي
زي واحد قايم بالليل من النوم جعان اوي و جابوا له حتة شيكولاته توبليرون كلها و شرب بق ميه كبير
و رجع ينااام بس وشه عليه ابتسامه
:)

مراقب مصري said...

أنا طبعا داخل أدور على التدوينة إياها اللي قلتي هتكتبيها وسبتك وإنتي عاقدة العزم على كتابتها (وما كنتش مستريح تماما للفكرة بصراحة) وبعدين لما دخلت لقيت أجمل وأصفى فنجان قهوة ممكن الواحد يقراه على وش الصبح (طبعا الصبح بتاعي متأخر زي حالاتك مش زي حالاته)... وطبعا أول حاجة هعملها دلوقتي هي فنجان قهوة بوش وهاقوم أعمله بنفسي... بس للأسف زي ما انتي عارفة الحتة اللي قاعد فيها مفيهاش فراندا
:D

ذو النون المصري said...

انا قرات البوست السابق و عجبني جدا و حاولت اعمل اعترافات ما لقيتش حاجه اعترف بيها لاني مكنتش شقي لهذا الحد
تحياتي

Anonymous said...

هذا أروع ما قيل حتى الآن

أحمد عبد الفتاح said...

ربنا يشفيه يارب مش عشانك انتي بس
لا عشان جيل بحاله وتاريخ محتاج ياخد منه كتيييييييييييييييييير
تدفعي كام ومقولش علي اسمه ؟
وصدقيني والله قهوة ناصر شغاله مش وحشة يعني

Anonymous said...

حأعيـــط

سلامة عمو
كأنى عشت موقف علاقة صداقة جميلة فى فيلم انجليزى كلاسيكى
والأجمل
تخطى عاصفة الغضب بالعيش والاندماج فى حياة أخرى كلها محبة وجمال وصدق مع النفس واسترخاء


بلغيه تمنياتى بالشفاء
الراجل دة يستحق ما هو أفضل بكثيررر


على فكرة
أنا عرفته من الزعتر
(وش بيغمز)

zenzana said...

اسكندراني جدا جدا

حاسة كلامك لاني قابلت بعضهم
وبردوا راحووووو

اسفة اني قلبت عليك المواجع مش قصدي ومتخيلتش ان حد هيهتم بالمكتوب

zenzana said...

MaLek

والله انت وبنتك اللي اجمل
نورت الزنزانة يا فندم

zenzana said...

karakib

هاني

طب هات حتة طيب

انت كمان بتشبه كل حاجة حلوة بالشيكولاتة؟ مش انا لوحدي

توبليرون اكتر نوع شيكولاتة انا بحبه جداااا
:)

zenzana said...

مينا زكري
عارفاك تموت ف المصايب وتعز الكوارث زي عنيك من غير عدسات
لا اطمن البوست التاني أتكتب وهينزل
بس انت متعرفش ان لما عفريت الكتابة بيطلع لي مش بعرف اصرفه الا لما اكتب وانشر
غريبة مع انك ايدتني في الكتابة ازاي مش كنت مستريح؟

نصيحتين بقي ع المسا:
أولا اياك تشرب القهوة بوش لان كل رواسب البن بتكون ف الوش
والله هتخليني اكتب عن كيفية شرب القهوة صح

ثانيا : عزل يا اخي من التلاتيني انا اخر وأول مرة شوفته كان من أربع سنين وحلفت ما هروحه تاني وقد كان

بالمناسبة انا ف امبابة وعندي بلكونة بشوفها م الشارع وانا طالعة البيت بس :)

zenzana said...

ذو النون المصري

يا شقي أطلع من دول

دا انا عجناك وخبزاك ولو قلت انك مش شقي هفرقك ع العيال ف الحارة
استعد
هكون عندك قريب
:)

zenzana said...

tazart

شكرا يا فندم دا من زوقك

zenzana said...

تاح

وليه التسييح دا؟ بس

ربنا يسمع منك هو الحمد لله كويس جدا جداااكان مقموص واول ما شافني نسي وضحكته جابت اخر الشارع

طبعا ما انت مجربتش القهوة منه
واللي مجربش يقول ناصر
علي فكرة من فنجان امبارح مشربتش تانى ايش جاب لجاب
اه انت معزوم علي فكرة لما ترجع

zenzana said...

شهروزة
طيب يا قردة مسلسلة سيحي كمان وكمان

يا بت انتي زعلانة تعيطي فرحانة تعيطي جالك ورد تعيطي جالك شيكولاتة تعيطي ؟ مفيش ضحك فرح سكوت؟ اي حاجة؟

بلاش موضوع الافلام احسن عامل لي هسس اليومين دول
هجيبلك اول فيلم معايا
زغرتي بيقولوا عليه حلو

اسكندراني اوي said...

ليه ما تخيلتيش ان حد ح يهتم بالمكتوب
صدقيني كلامك بالفعل فكرني بحاجات كتيييييير اوي
لا داعي للاعتذار

تقبلي تحياتي

اسامة يس said...

جميل تلك القصة المكتوبة بقلم ممشوق القوام .. فكأنها كتبت بخط مستقيم ... لا عوج فيه....

نحن امام سرد من الداخل الى الخارخ .. سرد من مشاعر جوانيه ، عبرت عنه الكاتبه على لسان البطلة ببراعة .. تلك البطلة البريئة المشاكسة والذكية والواعية في آن...

الأروع ان تكون الروح هي الخيوط المتينة التي حيكت بها السطور

لك خالص التحية والود

zenzana said...

اسكندراني اوي خالص جدا
والله انا بس لاقيت اني كاتبة شئ خاص بيا جدا ومتخيلتش اني ممكن اكتبه ف يوم م الايام ، كمان خوفت ان حد يقولي ارحمينا عايشة كدة دايما ف الانتيك خانة واقرب الناس ليكي كبار ف السن
ف نفس الوقت كان ومازال عندي احساس بالسعادة اني فعلا بعيش مع اهل الزمن دا اللي كمان لا ينفي الزمن الحالي
انا سعيدة اني انعشت ذاكرتك بحاجات اتمني انها تكون حلوة

zenzana said...

osama

شكرااااااااا جامد جدا جدا
علي كلامك
(وش مكسوف جداااا)

علي فكرة مدونة حلوة جدا

Anonymous said...

راندوشكا ازيك وحشتيني جداً...انتي خلتيني اعيط لما قريت اللي انتي كاتباه ...واحشني اوي اوي...ونفسي اشوفه...بس اعمل ايه...الغربة مرة...واحشني اوي تمشيتنا على كوبري قصر النيل يوم الاربع...والحديقة الدوليةوالحسين...ياه امتى الايام دي ترجع تاني...على فكرة البلوج حلوة أوي...زي صاحبتها
معالي